غزة- يوسف صادق
لم يكتف خالد شاهين (25 عاماً) من تقليد أصوات أكثر أصوات الساسة
الفلسطينيين تعقيداً مثل صوت الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو الدكتور صائب
عريقات أو عدد كبير من إعلامي قناة العربية، وإنما يقوم بعقد حوار وتقليد
أكثر من خمسة أصوات مختلفة تماماً في وقت واحد.
يعمل شاهين منذ أكثر من خمس سنوات في مجال المونتاج للتقارير الإخبارية
واللقاءات المختلفة، ومكنه عمله مكّنه في بداية الأمر من معرفة المتحدث دون
مشاهدة صورته. وقال لـ"العربية.نت" "تخطيت هذه المرحلة وصرت أقلد أصوات
الساسة، بعد ساعات من العمل المتواصل، كنوع من الفكاهة بين الزملاء".
وأضاف "في أوج الحرب الإسرائيلية الأخيرة
وبعد ساعات نصل بها الليل مع النهار، نكون بحاجة إلى عشر دقائق "فرفشة
وضحك" ليخرج زملاءه من جو العمل والعصف الذهني لكافة الزملاء الصحافيين،
حينما يثني على عملهم مرة بصوت الرئيس عباس، وأخرى بصوت رئيس وزراء حكومة
غزة إسماعيل هنية، ومرة بصوت زملاء إعلاميين من مقدمي القنوات العربية
الإخبارية، ولـ"نخرج إلى عملنا مرة أخرى أكثر نشاطاً عن ذي قبل".
وتع** حالة الإعلامي شاهين الجهد الكبير الذي يبذله الصحافيين الفلسطينيين
خلال تغطيتهم الأحداث المتلاحقة على مدار عقود من الصراع مع إسرائيل، حيث
قتل العديد منهم خلال تواجده في مسرح الأحداث.
وشكّلت حرب غزة الأخيرة التي شنتها إسرائيل على القطاع في السابع والعشرين
من ديسمبر 2008، نقطة تحول كبيرة للإعلاميين الفلسطينيين. وفاز العشرات
منهم بجوائز دولية وعربية هامة في مستويات مختلفة.
ويتميز الإعلامي الفلسطيني عن غيره من زملائه في الدول الأخرى، بأهمية
الصراع العربي الإسرائيلي. وتعتبر الأراضي الفلسطينية الوحيدة في العالم
التي لم ينته الخلاف حولها في قضية احتلال إسرائيل لها منذ 1948م.
تقول ريهام السبع مراسلة قناة "جوسات" الأردنية أنها تكون سعيدة حينما يبدأ
شاهين في تقليد صوت الرئيس الراحل ياسر عرفات. مشيرة إلى أنه "يذكرني صوته
تماماً بصوت الرئيس الراحل أبو عمار، وكأنه يتحدث أمامنا الآن ويشاركنا
الحدث الذي نعيشه".
ولم يختلف رأي يوسف أبو جراد مراسل قناة الدنيا عن زمليته ريهام. وقال
"جميل أن تسرق ابتسامة وسط ضغط عمل مرعب يتخلله دموع وحسرة وقصف وقتل وهدم
وتشريد وغير ذلك من ألقاب ووصف لما يجري في الأراضي الفلسطينية".
ويشير الإعلامي شاهين إلى أن الصحافيين الفلسطينيين يتميزون عن غيرهم بجلد
الصبر. وقال "نحن جزء من الشعب نتحمل الهموم ونتقاسم المعاناة سوياً مع
باقي الناس في الأراضي الفلسطينية، ولهذا تكون تقاريرنا وصورنا أكثر تعبير
عن غيرها لأنها نابعة من القلب والإحساس ذاته التي يشعر به أي فلسطيني
مكلوم".
ويضيف "موهبة تقليد الأصوات منتشرة بين عشرات الشباب العرب، لكن عملي
كمونتير هو الذي أ**بني تلك الموهبة، والتي لم تكن موجودة داخلي من قبل.
فأنا أقوم بمونتاج العديد من التقارير السياسية والإخبارية اليومية".
والغريب في هذا الشاب أنه يجيد صوت طائرات الأباتشي والاستطلاع "الزنانة"
والدبابات الإسرائيلية وهي تقتحم قطاع غزة، فضلاً عن إطلاق الصواريخ
الإسرائيلية وانفجارها.
ويبقى الفلسطيني بحاجة إلى إبتسامة يصنعها لنفسه وسط ملل يحصل له من نكبات
متلاحقة، لكنها لن تكون بالتأكيد نابعة من قلب حزين وجسد أثقلته الهموم
وأنهكته السنين.